تنبيه: يوجد في نهاية المجلد الثامن من المجموع ((الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى)) إضافة فوائد جديدة لم تكن في المطبوع
شرح صحيح البخاري يوميا عدا الجمعة بعد صلاة المغرب بالمسجد النبوي

عار على الدول الإسلامية وعقلاء زعماء غيرها خذلان المنكوبين في بلاد الشام

8/8/1434هـ،

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه. 

أما بعد؛ فإن من المآسي المحزنة والمصائب المؤلمة ما جرى ويجري في بلاد الشام من مدة تزيد على سنتين على يد الطغمة المتسلطة فيه والمستأسدة على أهله من تقتيل وتدمير وتشريد ونزوح إلى تركيا والأردن ولبنان وسكناهم في مخيمات بدلاً من مساكنهم في بلادهم التي فروا منها خوفاً على أرواحهم، وكانت معاناتهم في هذه المخيمات شديدة، ومع هذا البلاء الذي حل بهم لم تتحرك الدول المتشدقة بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان لإعانتهم على رفع الظلم عنهم وإنهاء معاناتهم، بل إن دولتين من الدول الخمس التي جعل لها في نظام مجلس الأمن حق العضوية الدائمة فيه كانتا بالمرصاد لمنع أي قرار يصدر منه في صالح هذا الشعب المنكوب وذلك باستعمال ما سمي بحق النقض «الفيتو» الذي جُعل في نظام المجلس لكل واحدة من الدول الخمس، فلا يُعتمد أي قرار له تعارضه واحدة من هذه الدول، وسبق أن كتبت كلمة بعنوان: «المجازر المروعة في بلاد الشام إلى أين وإلى متى أيها المتشدقون بالديمقراطية؟!» نشرت في 22/12/1433هـ، وكان عدد القتلى في ذلك الوقت قد قارب الأربعين ألفاً، أما الآن فقد قارب المائة ألف، وفي الذين سلموا من القتل مشوهون ومعوقون، فأي عقول للمتشدقين بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان تسكت عن هذه الجرائم من التقتيل والتدمير والتشريد؟! وهل يكون كل هذا الذي حصل سهلاً في مقابل بقاء شخص متسلط في بلاد الشام؟! ومع وجود هذا الفتك بأهل بلاد الشام من هذه الطغمة المتسلطة فقد كانت تمدها حليفتها روسيا بالسلاح ويمدها أنصارها في إيران والعراق وما يسمى حزب الله في لبنان بالسلاح والرجال!! وقد قلت في الكلمة المشار إليها: «إن من حق المسلمين في بلاد الشام على إخوانهم المسلمين من العرب وغيرهم أن يبذلوا ـ ولاسيما ولاتهم ـ كل ما يستطيعون لرفع الظلم عن إخوانهم في بلاد الشام وكذا غيرهم من عقلاء العالم عليهم العمل لتخليص شعب بلاد الشام من هذه المجازر المروعة».

 

والآن بعد أن دخل بلاد الشام من خارجها من يعين الطغمة الحاكمة فيها على تقتيل شعب بلاد الشام فإن مسئولية المسلمين وغيرهم من عقلاء العالم أعظم وأشد بأن يمدوا الشعب المنكوب بالسلاح والمال والغذاء، وأقل شيء يعمله من في قلوبهم رأفة من عقلاء العالم منع الغزاة لبلاد الشام من دخولها ومنع الطائرات من الطيران لاستخدامها في التقتيل والتدمير.

وأهم شيء يوصى به الشعب في بلاد الشام تقوى الله والاستقامة على أمره؛ لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة، وهو من أعظم أسباب النصر على الأعداء، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ولله عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، وقال: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}، وقال: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}، وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

وأسأل الله عز وجل أن يسلم المسلمين في بلاد الشام من شر أعدائهم الظالمين لهم من داخل بلادهم وخارجها، وأن ينهي معاناتهم على خير، اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم الظالمين لشعب بلاد الشام، اللهم ألق الرعب في قلوبهم وشتت شملهم واجعل دائرة السوء عليهم، إنك على كل شيء قدير.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.