تنبيه: يوجد في نهاية المجلد الثامن من المجموع ((الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى)) إضافة فوائد جديدة لم تكن في المطبوع
شرح صحيح البخاري يوميا عدا الجمعة بعد صلاة المغرب بالمسجد النبوي

الحق أن المستحق للمحاكمة هو تركي الحمد .. وقد طلبت محاكمته قبل ثمان سنين

20/9/1429هـ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد، فقد اطلعت على ورقة مستخرجة من الإنترنت من موقع صحيفة «أوان» حول فتوى فضيلة الشيخ صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ في أصحاب القنوات الذين ينشرون فيها الفساد في الأرض في الاعتقادات والأعمال التي بثتها إذاعة القرآن الكريم ليلة الخميس الموافق 11/9/1429هـ وهي قوله كما في التسجيل: (إن من يدعو إلى الفتن إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاءً فالأمر خطير لأن الله جل وعلا لما ذكر قتل النفس قال (أو فساد في الأرض) فالإنسان يقتل بالنفس أو بالفساد في الأرض، وإفساد العقائد وإفساد الأخلاق والدعوة لذلك نوع من الفساد العريض في الأرض).

وجاء في صحيفة أوان ما يلي:

 («أوان» استطلعت آراء ورؤى نخبة من أصحاب الرأي في السعودية حول هذه الفتوى ونتائجها ... وبنبرة متعجبة تساءل الدكتور والأديب تركي الحمد عن قيمة الإنسان، وقال: «هل صار الإنسان بهذا الرخص؟ وهل صار الحكم بالقتل بهذه السهولة، وكأن المقتول دجاجة؟ إن من يُحرض على القتل فهو قاتل»، وطالب الدكتور الحمد بتحجيم التيار الديني المتطرف، وأضاف: «اللحيدان بعد أن فقد الكثير صار يتخبط يمينا وشمالا، وهذه ردة فعل نفسية، لأن الكرسي يهتز من تحته». مطالبا بمحاكمته، وألا تقتصر العقوبة على إزالته من منصبه .... وعن قراءته لهذه الفتوى أكد أنها دعوة صريحة للقتل، وكأنه يقول للشباب المتحمسين والمغيبين اذهب واقتل وهذا من حقك، مبينا أن الفكر هو الأساس في العمل الإرهابي .....).

أقول: إن من العجيب هذا الهجوم من هذا الإنسان على فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية ـ حفظه الله ـ ومطالبته بمحاكمته وألا تقتصر العقوبة على إزالته من منصبه والحق أن صاحب الهجوم هو الذي يستحق المحاكمة وإيقاع ما يقضي به الشرع عليه لما تفوه به من كلام ساقط هابط في غاية الوقاحة في الاستهزاء بالله عز وجل ودينه، ذكرت جملاً منه في رسالة بعثتها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ إبان ولايته للعهد وقيامه بالأمر بعد ضعف صحة الملك فهد رحمه الله في 13/9/1421هـ قلت فيها: (وبعد أود الإشارة إلى المادة الثالثة والعشرين من النظام الأساسي للحكم التي نصها ((تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله))

فإنه مع الأسف وجد في بعض المواطنين من يكون حرباً على العقيدة الصحيحة التي قامت عليها الدولة السعودية بأدوارها الثلاثة، وسعت في نصرتها ونشرها والدعوة إليها بالوسائل المختلفة، وهي عقيدة السلف الصالح ومن سار على نهجهم في كل زمان ومكان.

ومن أسوإ من وقفت لهم على كلام في العقيدة هو في غاية الخبث اثنان هما: تركي الحمد، وحسن فرحان المالكي.

أما تركي الحمد فكلامه واضح في الزندقة والإلحاد والتهكم في جوانب مختلفة من العقيدة، ومن أمثلة ذلك أقواله التالية في كتابه ((الكراديب)).

1- قوله (ص50): ((دع الله وشأنه)).

2- قوله (ص78): ((الانتحار نصر على الله، في الانتحار تفوت الفرصة على الله أن يختار لك مصيرك)).

3- قوله (ص120): ((إبداع الشيوعيين ليس مثله إبداع)).

4- قوله (ص137): ((فالله والشيطان واحد هنا وكلاهما وجهان لعملة واحدة)).

5- قوله (ص138): ((هناك جنة ونار معاً، الله وشيطان، نبي وفرعون، وكل في قدر يسبحون)).

6- قوله (ص187): ((فنحن لا ندري إلى أي عالم سنكون، وإلى أي حياة أو فناء سنؤول)).

7- قوله (ص274): ((وقد يكون ما يسير الدنيا هو القدر أو العبث أو الحتم أو الصيرورة لا ندري)).

وبرفقه صور من صفحات الكتاب المشار إليه المشتملة على هذه النقول.

وأما حسن فرحان المالكي فله تخبط وتخليط وطعون في العقيدة والصحابة لم يسبق إليه،) ثم ذكرت أمثلة من كلامه القبيح ثم ختمت الرسالة بقولي: (أرجو من سموكم الاطلاع والتكرم بإصدار أمر كريم بمحاكمتهما وتطبيق الحكم الشرعي فيهما، وقد ترون ـ حفظكم الله ـ التوجيه بقيام جهة مختصة تتولى مهام إقامة الدعوى على من يحصل منه اعتداء على العقيدة وتمرد على أحكام الله وسخرية واستهزاء بالدين وأهله، ثم تطبيق ما يقضي به الشرع في حقهم، وأسأل الله عز وجل أن يوفق سموكم لما فيه رضاه ونفع عباده وقطع دابر الإجرام والمجرمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

أقول: أما حسن فرحان المالكي فقد دحرت أباطيله برسالتين إحداهما بعنوان (الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي) والثانية بعنوان (الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي) وهما مطبوعتان ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/33-393).

وأما تركي الحمد  فكلامه أشبه بهذيان المجانين، وهجوم مثله على الشيخ صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ لا يضيره بل يرفع من شأنه كما قال الشاعر:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل

وأما فتوى الشيخ صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ بالقتل قضاءً لمن يسعى في الأرض فساداً، فإن قضايا القتل في المملكة العربية السعودية تمر بمراحل هي: أن يشترك فيها ثلاثة من القضاة، ثم تحال إلى محكمة التمييز وقضاتها في القتل خمسة، ثم تحال إلى مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة وعددهم خمسة، ثم تحال إلى خادم الحرمين الشريفين فيتم تنفيذ القتل بعد المرور بهذه المراحل الأربع، فأي إشكال في قضية قتل أقرت من ثلاثة عشر قاضياً قبل وصولها لخادم الحرمين الشريفين.

وبعض المغرضين الحاقدين حذفوا من فتوى الشيخ صالح ــ حفظه الله ــ كلمة ((قضاءً)) بغية التشنيع بسهولة القتل لمن يريده من الطائشين، فهم مثل الذي يقرأ قول الله عز وجل (فويل للمصلين)ويترك ما بعدها، والذي يقرأ قوله تعالى (يل أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة) ويترك ما بعدها.

ومما لا شك فيه أن المتفوه بقوله (دع الله وشأنه) وما نقلته عنه من الكلام القبيح الذي هو واضح في الكفر والزندقة والإلحاد تتعين محاكمته وتنفيذ ما يقضي به الشرع عليه.

والغالب أن اليهود والنصارى لا يجرؤون على التفوه بمثل هذا الاستهزاء بالله ولو وقف الجاحظ على هذا الكلام الذي هو في منتهى القبح لكفّر قائله، وقد قيل: ويل لمن كفره الجاحظ، وإن لأعجب كيف تطيق عيون النظر إلى من يحصل منه مثل هذا الاستهزاء بالله عز وجل.

ومثل هذا الهجوم على الشيخ صالح ـ حفظه الله ـ من تركي الحمد وغيره حول هذه الفتوى الذي فيه العطف على المفسدين في الأرض هجوم يوسف هاشم الرفاعي على حكام المملكة وقضاتها لقتلهم السحرة ومهربي المخدرات وذلك في نصيحته المزعومة لعلماء نجد، وقد رددت عليه برسالة مطبوعة ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/429-517) قلت فيها: ص498 (أنحى الكاتب باللوم على حكام المملكة العربية السعودية وقضاتها لقتلهم مهربي المخدرات ، وكذلك باللوم عليهم لقتلهم السحرة) ومما قلت في الجواب: (إن هذا من عجيب أمر الكاتب؛ يتألم لعقوبة الظالمين وهم قليلون، ولا يتألم لضرر المظلومين وهم كثيرون لا يحصون، يشفق على الذئاب ولا يشفق على فرائسها، يعطف الرفاعي على الأفاعي، ولا يعطف على هلكى سمومها، وإن من حسن حظ المرء أن لا يكون ظهيراً للمجرمين).

وأسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يقيهم شر الأشرار وكيد الفجار والكفار، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد المحسن بن حمد العباد البدر