تنبيه: يوجد في نهاية المجلد الثامن من المجموع ((الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى)) إضافة فوائد جديدة لم تكن في المطبوع
شرح صحيح البخاري يوميا عدا الجمعة بعد صلاة المغرب بالمسجد النبوي

خطورة الإفساد في بلاد الحرمين بعد إصلاحها

3/4/1432هـ

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن من نعم الله عز وجل على بلاد الحرمين في هذا الزمان أن جعل ولايتها في أسرة سعودية بدأت قبل مائة عام على يد الملك عبد العزيز رحمه الله، وهي امتداد للدولة السعودية الأولى التي بدأت في منتصف القرن الثاني عشر الهجري على يد الإمام محمد بن سعود بتسديد وتأييد من الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله، وقد كتب الله لهذه الدولة البقاء والاستمرار في هذه القرون الثلاثة لتأسيسها على تحكيم شرع الله ونصرة دينه والأمر بالمعروف والنهي المنكر.

ومنذ شهرين تقريباً حصل في بعض الدول الإسلامية أحداث وتغيرات سبقها مظاهرات، ذهب فيها دول وحلّ محلها دول، وقد كتبت كلمة بعنوان: ((كيف يكون مستقبل الدول الإسلامية خيراً من ماضيها؟)) نشرت في 30/3/1432هـ، ذكرت فيها أنني لا أعلم دليلاً في الشرع على جواز المظاهرات، ونقلت عن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمهما الله المنع من ذلك، وذكرت أن هذه التغيرات في هذه الأحداث لا يعدو أن يكون الحال فيها ذهاب وجوه ومجيء وجوه إلا إن حصل توفيق من الله لمن هم باقون في الولاية في البلاد الإسلامية ولمن وصل إليها بعد تلك الأحداث بالالتزام بدين الله وتطبيق شرعه في جميع شؤون الحياة، وذكرت آيات كثيرة في وجوب التزام الولاة بتحكيم شريعة الإسلام وأن النصر والتأييد من الله يحصل بالقيام بهذا الواجب، وأن الإعراض عن ذلك فيه الخذلان والذلة والهوان.

وبعد تلك الأحداث في بعض البلاد الإسلامية يحاول فئة قليلة جداً من الناس في هذه البلاد نقل هذه العدوى إلى بلاد الحرمين؛ زاعمين سعيهم إلى تحقيق مصالح الشعب السعودي! ولا شك أن نَقَلَة عدوى المظاهرات والاعتصامات والمسيرات إلى هذه البلاد جناة على أنفسهم قبل أن يكونوا جناة على غيرهم؛ لأن الدولة في هذه البلاد قائمة على تحكيم شريعة الإسلام، ومثل هذه المحاولات فيها سعي لإضعاف التمسك بالأسس التي قامت عليها الدولة؛ لأن محاولتهم مبنية على تقليد الغرب والأخذ بديمقراطيته المخالفة لشريعة الإسلام، وقد كتبت رسالة بعنوان: ((العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة)) طبعت عام 1426هـ.

ومن هؤلاء تسعة رهط زعموا تأسيس حزب في هذه البلاد باسم: حزب الأمة الإسلامي، وأنهم الهيئة التأسيسية لهذا الحزب، نشروا هذا الزعم في شبكة المعلومات الانترنت تحت عنوان: ((نحو تأسيس أول حزب سياسي في السعودية))، قال المتحدث عن هذا الحزب المزعوم: ((إن الإعلان عن الحزب جاء استجابة طبيعية لتطور الأوضاع السياسية في المنطقة وتطور العمل السياسي في المملكة وقد آن الأوان لإقرار الحقوق السياسية وإطلاق الحريات العامة والمسارعة لإقرار حق الشعب في انتخاب مجلس الشورى وتهيئة التشريعات لتنظيم كافة هذه الحقوق السياسية))، وزعموا أن هذا الحزب المزعوم جاء ليسهم في دفع حركة الإصلاح السياسي السلمي الذي يتطلع إليه الشعب كافة على اختلاف مكوناته، كل ذلك على ضوء هدايات الكتاب والسنة وسنن الخلفاء الراشدين في باب سياسة الأمة، وزعموا أن من أبرز مبادئ الحزب: ((حق الأمة في اختيار الحكومة اختياراً حراً مباشراً))، ويدعو الحزب المزعوم إلى النهوض بدور المرأة في المجتمع وتعزيز دورها الإيجابي وإقرار كافة حقوقها الشرعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والمهنية والعناية بالإنسان، وينص النظام الأساسي للحزب المزعوم على أن: ((الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الوحيد، والأمة مصدر السلطة، وأن الحقوق والحريات الشرعية مصونة للجميع بما في ذلك حق إبداء الرأي ونقد السلطة))، هذا بعض ما اشتمل عليه هذيانهم عن حزبهم، ولو سموه: ((حزب التسعة الرهط)) لطابق الاسم المسمى؛ وقد قال الله في قصة ثمود: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ}، وقال عن نبيه صالح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152)}، والعجبُ زعمهم لحزبهم أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الوحيد، وأنه متفق مع هدايات الكتاب والسنة وسنن الخلفاء الراشدين في باب سياسة الأمة؛ فإن من يطلع على بيانهم ومنه ما نقلته هنا يتضح له أن الشريعة الإسلامية في واد وما زعموه عن حزبهم في واد آخر،ومن أعجب العجب زعمهم أن حزبهم جاء ليسهم في دفع حركة الإصلاح السياسي السلمي الذي يتطلع إليه الشعب كافة؛ فإن الشعب كافة على خلاف اتجاه هذا الحزب المزعوم لا يُستثنى منه إلا هؤلاء التسعة الرهط ومن على شاكلتهم ممن يلهثون وراء الغرب.

وقد ظلت النساء في بلاد الحرمين محافظة على الحشمة والحجاب والبعد عن الاختلاط بالرجال، وقبل سنوات قليلة بدأ انفلاتهن وإخلالهن بالأخلاق الكريمة التي سارت عليها النساء في هذه البلاد، وقد أحزن ذلك كل غيور على هذه البلاد حريص على سلامتها وسلامة دولتها، ومع هذا الانفلات فإن حزب التسعة الرهط المناوئ لهذه الدولة لم يرضه ذلك، بل أراد أن تكون النساء في هذه البلاد كالنساء في بلاد الغرب كما هو واضح فيما نقلته عن بيانه، وقد كتبت في التحذير من انفلات النساء في هذه البلاد اثنتين وعشرين كلمة في خلال عامين، أولها في تاريخ 18/2/1430هـ بعنوان: ((دعاة التغريب ومتبعو الأهواء والشهوات هم الذين وراء بدء انفلات النساء أخيراً في بلاد الحرمين))، وآخرها في تاريخ 7/2/1432هـ بعنوان: ((لا يليق بأهل المجد أن يكونوا مستنداً للتغريبيين الماكرين بمجدهم))، ومنها كلمة بعنوان: ((نحب لدولتنا السعودية دوام عزها ونبغض التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها)) نشرت في تاريخ 20/8/1431هـ، والتسعة الرهط ومن على شاكلتهم هم من التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها، ومنها كلمة بعنوان: ((المرأة في بلاد الحرمين بين أنصارها حقاً وأدعياء نصرة حقوقها)) نشرت في تاريخ 23/12/1431هـ، وما حصل في الآونة الأخيرة من انفلات النساء وكذا إنشاء كليات حقوق وقانون وذوبان الجامعات الإسلامية وإضعافها في مجالات اختصاصها وغير ذلك من الأمور التي لا تنبغي ليس مردُّه إلى ولي الأمر لما فيه من خير وصلاح، بل مرده إلى البطانة؛ وقد كان في رئاسة الديوان الملكي رجل فاضل مدةً تزيد على ثلاثة عقود في عهود الملوك فيصل وخالد وفهد رحمهم الله وكان همزة وصل بين الملك وأهل الخير ولاسيما شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وبعد إقالته قبل عدة سنوات ومجيء غيره تغيرت الحال، والله المستعان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ما استخلف خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله)) رواه البخاري (6611)، وأهم إصلاح يُنتظر التخلص منه ومن كل بطانة سيئة ومن كل مسئول يسعى إلى الإخلال بالمكاسب التي ورَّثها الملك عبد العزيز رحمه الله، والأسس التي قامت عليها هذه الدولة وكانت سبب بقائها، وقد عشنا وعاش آباؤنا وأجدادنا في ولايتها على خير في أمن وإيمان.

وقريب من التسعة الرهط أصحابُ الرسالة الموجهة لخادم الحرمين المنشورة في شبكة المعلومات تحت عنوان: ((نحو دولة الحقوق والمؤسسات))، فقد جاء في رسالتهم التي حررها قليل منهم وجمَّعوا عليها توقيعات كثيرة من رجال ونساء ما يلي: ((خادمَ الحرمين الشريفين: إنّ الثورات التي بدأها الشباب وانضم لهم الشعب بكل فئاته ومكوناته في كلٍٍّ من تونس ومصر وليبيا وغيرها لتؤذن بأنّ القائمين على الأمر في البلاد العربية ما لم يستمعوا لصوت الشباب وتطلعاتهم وطموحاتهم ويصغوا لمطالب شعوبهم في الإصلاح والتنمية والحرية والكرامة ورفع الظلم ومقاومة الفساد، فإنّ الأمور مرشحة لأن تؤول إلى عواقب وخيمة وفوضى عارمة تسفك فيها الدماء وتنتهك فيه الحرمات ويختل فيها الأمن))، ومن جملة الإصلاحات التي ينشدها من حرر الرسالة: ((1ـ أن يكون مجلس الشورى منتخباً بكامل أعضائه، وأن تكون له الصلاحية الكاملة في سنّ الأنظمة والرقابة على الجهات التنفيذية بما في ذلك الرقابة على المال العام، وله حق مساءلة رئيس الوزراء ووزرائه،    2ـ فصل رئاسة الوزراء عن الملك على أن يحظى رئيس مجلس الوزراء ووزارته بتزكية الملك وبثقة مجلس الشورى))!! وختم الرسالة من حررها بقوله: ((والالتزام بصور التعبير السلمي))!!

وأعلق على بعض ما جاء في الرسالة بما يلي:

1ـ كلٌّ يعلم الفرق الواضح بين البلاد الإسلامية التي حصل فيها ثورات وبين البلاد السعودية التي تحكِّم شريعة الإسلام، فلا يليق هذا التخويف والاصطياد في هذا الماء العكر، ومخاطبة ولي الأمر بمثل هذا الأسلوب الثائر!

2ـ ما جاء في الرسالة عن مجلس الشورى ومجلس الوزراء وغير ذلك مما فيه تقليد الغرب لا يليق بالمسلمين التفكير في تقليدهم فيه فضلاً عن الدعوة إليه، وما ذُكر من فصل مجلس الوزراء عن الملك هو تقليد لدولة الاستعمار الأولى التي فيها الأمر بيد رئيس الوزراء وأعوانه، والملك فيها أو الملكة شيء صوري، وقد بقي على هذا النظام بعض الدول التي استعمرتها كالهند وغيرها وكذا ركيزتها في أرض فلسطين الدولة اليهودية.

3ـ أما الجملة التي ختمت بها الرسالة، فإن كان المراد بها الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات فلا يليق بأحد من أهل هذه البلاد فعلُها أو الدعوة إليها؛ لأنها ليست من الإسلام، وإنما هي مستوردة من الغرب الذي فُتن به عدد قليل من أهل هذه البلاد.

4ـ أما الإصلاحات المتعلقة بإيجاد فرص العمل للعاطلين وتحسين أحوال المعيشة في هذه البلاد فهذا أمر مطلوب، وقد قامت الدولة بشيء من ذلك، والمأمول المزيد من مِثل هذه الإصلاحات.

وكل من يريد التغيير في هذه البلاد بما يتفق مع ما كان عليه الغرب إما أن يكون ابتلي بمرض الشبهات وهو يريد الحرية في الرأي ولو كانت انحلالاً، أو ابتلي بمرض الشهوات في النساء وغيرها أو يريد الوصول إلى شيء من الولايات، ومعلوم أن الولايات لا تتسع لكل أحد ولا تستوعب كل من أرادها، ومن فكَّر فيها ولم يظفر بها فعليه الصبر، ولا يجوز له أن يسلك مسالك تنتهي إلى إلحاق الضرر به وبغيره، ومن حرص عليها ونالها آل أمره إلى الندامة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة)) رواه البخاري (7148) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)) رواه الترمذي (2376) وقال: ((هذا حديث حسن صحيح))، قال ابن رجب في الجزء الذي شرح فيه هذا الحديث (ص15): ((فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حرص المرء على المال والشرف إفساد لدينه ليس بأقل من إفساد الذئبين لهذه الغنم، بل إما يكون مساوياً وإما أكثر))، وقال (ص29): ((وأما حرص المرء على الشرف فهو أشد هلاكاً من الحرص على المال؛ فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم والزهد فيه أصعب؛ فإن المال يُبذل في طلب الرياسة والشرف)).

ومن يقدم الشر الذي جاء من الغرب على الخير الذي جاء من السماء أو يسعى لهذا التقديم له شبه قوي بثمود الذين قال الله فيهم: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}، وببني إسرائيل الذين استبدلوا بالمن والسلوى البصل والكراث وقال الله فيهم: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}، وبالمنافقين الذين قال الله فيهم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}، والفرق بين ما جاء عن الله وعن غيره كالفرق بين الله وخَلقه.

ومن الخير لكل من في هذه البلاد من أهلها وغيرهم أن يكونوا مفاتيح للخير ومغاليق للشر، وأن يحرصوا على أن يكونوا ممن قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}، وقال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}، وقال: {وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152)}، وقال: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وقال: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةََ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ((ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح! فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى تعالى عن ذلك))، وأن يحذروا أن يكونوا من مغاليق الخير ومفاتيح الشر، ويحرصوا على أن لا يكونوا ممن قال الله فيهم: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، وقال: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}، وقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12)}، وقال: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}، وقال: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا}، وما أحسن وأجمل قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((تكون أمورٌ مشتبهاتٌ، فعليكم بالتؤدة؛ فإنَّ أحدَكم أن يكون تابعاً في الخير خيرٌ مِن أن يكون رأساً في الشرِّ)) رواه البيهقي في الشعب (7/297)، وما أحوج كل مسلم ناصح لنفسه عند الفتن إلى الأخذ بهذه الحكمة الحكيمة.

وأسأل الله عز وجل أن يحفظ على بلاد الحرمين أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها، وأن يجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفق ولاة أمرها لكل ما فيه الخير للإسلام والمسلمين في هذه البلاد وغيرها؛ إنه جواد كريم.

 وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد المحسن بن حمد العباد البدر